Month: مارس 2020

الميراثُ لا يُكتسبُ

قلتُ وأنا أضعُ منديلَ المائدةِ على طاولةِ المطعمِ: "شكرًا لكَ على العشاءِ يا أبي". كنتُ قد عُدتُ إلى المنزلِ في إجازةٍ من الجَّامِعَةِ، وكان غريبًا بالنِّسبةِ لي أن يدفعَ والديَّ نفقاتي لأنَّني كنتُ قد عِشتُ بعيدًا عنهما لفترة. أجابَ والدي: "على الرَّحبِ والسِّعَةِ يا جولي، لكنْ ليسَ عليكِ أن تشكريني على كُلِّ شيءٍ طِوالَ الوقتِ. أعلم بأنَّكِ كُنتِ تعيشين مُعتمدةً…

خبزٌ مُبارَكٌ

عندما أصبحتْ ابنتُنا البكرُ مراهقَةً، قدَّمنا لها أنا وزوجتي يومياتٍ لنا كنا نكتُبها منذ ولادتِها. سجَّلنا فيها الأمورَ الَّتي تُحبُّها والَّتي لا تُحبُّها ونزواتِها وملاحظاتِها ونكاتِها الَّتي لا تُنسى. في مرحلةٍ ما، كانَ ما كتبناهُ عبارةً عن خطاباتٍ نَصِفُ بها ما نراهُ فيها وكيفَ نرى اللهُ يعملُ في حياتِها. عندما أعطينا تلكَ اليومياتِ لها في عيدِ ميلادِها الثَّالثِ عشر، انبهرتْ.…

عُصارةُ الإثمارِ

بدا مصباحٌ في محلٍّ للأشياءِ المُستعملَةِ مثاليًّا لمكتبي المنزليِّ، فقد كانَ مُناسبًا من حيثُ الَّلونِ والحجمِ والسِّعرِ. لكنْ عندما عُدتُ بهِ إلى المنزلِ وأوصلتُه بالكهرباءِ لم يحدثْ شيءٌ، لا ضوءٌ ولا طاقةٌ ولا عُصارةٌ )أي لم تكنْ هناك أيُّ كهرباءٍ تسري من المقبسِ إلى المِصباحِ(.

نفسُ الأمرِ حقيقيٌّ بالنِّسبةِ لنا. قالَ يسوعُ لتلاميذِهِ: "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا…

قاطعُ الأخشابِ

في إحدى السِّنينِ عندما كنتُ في الجَّامِعَةِ، قمتُ بقطعِ وتخزينِ وبيعِ وتسليمِ الحَطَبِ. كانَ عملًا شاقًا، لذلكَ تعاطفتُ مع قاطعِ الأخشابِ التَّعِسِ المكتوبةُ قصَّتُه في سفرِ المُلوكِ الثَّاني 6. 

ازدهرتْ ونمتْ مدرسةُ أليشع للأنبياءِ، وأصبحَ مكانُ اجتماعِهم صغيرًا. فأقترح أحَّدُهم الذَّهاب إلى الغابةِ وقطع الخشبِ وتوسيع منشأتِهم. وافقَ إليشع ورافقَهم. كانتْ الأمورُ تسيرُ بشكلٍ جيِّد إلى أن سقطَتْ رأسُ فأسِ أحَّدِهم…

رحيلٌ عزيزٌ (ثمينٌ)

وصفَ مراسلُ بوسطن جلوب معرضَ الفنَّانَةِ التَّشكِيليَّةِ ليز شيبرد "الانتظار" بأنَّه "استنشاقُ ما هو ثمينٌ ومكشوفٌ )واضحٌ( وفائقٌ في الحياةِ". حاولَ المعرضُ المستوحى من الوقتِ الَّذي أمضتهُ شيبرد بجانبِ والدِها وهو على فراشِ الموتِ، أن ينقلَ التَّوقَ والحنينَ والشُّعورَ بالفراغِ الَّذي يترُكُه فقدانُ الأحبَّاءِ، والألمَ لكونهم قد أصبحوا بعيديِّ المنالِ. 

قد تبدو فكرةُ أنَّ الموتَ عزيزٌ )ثمينٌ( غيرَ منطقيَّةٍ؛ لكنَّ كاتبَ…

رؤيةُ الخلاصِ

آخر ما توقَّعَتهُ سونيا وهي في الثَّالثةِ والخمسين من عُمرها أن تتخلَّى عن عملِها وبلدِها وتنضمَ إلى مجموعةٍ من طالبيِّ الُّلجوءِ الرَّاحلين إلى أرضٍ جديدةٍ. بعدما قامتْ العصاباتُ بقتلِ ابنِ أخيها وحاولتْ إجبارَ ابنَها البالغِ من العمرِ سبعةَ عشر عامًا على الانضمامِ إلى صفوفِها، شعرتْ سونيا بأنَّ الفرارَ هو خيارُها الوحيدُ. قالتْ سونيا: "أُصلِّي إلى اللهِ ... وسأقومُ بِكُلِّ ما…

إنَّهُ وقتٌ لنُصلِّي ... ثانيةً

دخلتُ بسيَّارتي إلى ساحةِ بيتي المؤدِّيَةِ إلى المرآبِ الخاصِّ بي ولوَّحتُ إلى جارتي ميريام وابنتها الصَّغيرةِ إليزابيث. على مرِّ السِّنين اعتادتْ إليزابيث وهي تنمو على ثرثرتِنا التِّلقائيَّةِ الَّتي تطولُ عن دقائقَ قليلةٍ وتتطوَّرُ إلى اجتماعاتِ صلاةٍ. وكانتْ تتسلقُ الشَّجرةَ المزروعَةَ وسطَ الفناءِ الأماميِّ وتُدلِّي رجليها من على فرعٍ وتشغلُ نفسها بينما أتحدَّثُ أنا ووالدتُها. وبعدَ فترةٍ قصيرةٍ تنزلُ إليزابيث من…

testing

الجَّرسُ

كانَ جاكسون يحلُمُ منذ طفولتِهِ المُبكِّرَةِ بأن يُصبِحَ عُضوًا في قوَّاتِ البحريَّةِ الأمريكيَّةِ سييل )وهي فرقةٌ تعملُ على الأرضِ وفي البحرِ والجَّوِّ(، وهو طُموحٌ قادَهُ إلى سنواتٍ من التَّدرُّبِ على الانضباطِ البدنيِّ والتَّضحيةِ بالنَّفسِ. في النِّهايَةِ واجهَ اختباراتٍ مُرهقةً للقوَّةِ والتَّحمُّلِ بما في ذلك ما يشيرُ إليه المتدربونَ بـ "أسبوعِ الجَّحيمِ". 

لم يَكنْ جاكسون قادرًا جسديًّا على إكمالِ التَّدريبِ الشَّامِلِ المُضني…

لقاءُ لمِّ الشَّملِ

فتحَ الولدُ بحماسٍ الصُّندوقَ الكبيرَ الَّذي أرسلَهُ له والدُه الَّذي يخدمُ في الجَّيشِ، وهو يَظنُّ بأنَّه لن يأتِ إلى البيتِ ليحتفلَ بعيدِ ميلادهِ. كانَ في داخلِ هذا الصُّندوقِ صندوقُ هدايا آخر، وبداخلِهِ صندوقٌ آخر به قطعةُ ورقٍ مكتوبٌ عليها "مُفاجأة" وهو مُتحيِّرٌ نظرَ الولدُ إلى الأعلى ليرى أباهُ يدخلُ الغرفةَ. فقفزَ ودموعُهُ تنهمرُ بين ذراعيِّ والدِهِ وهو يصيحُ: "افتقدتُكَ يا…