العدد 33 هو أصحاح في الكتاب المقدَّس ربما نمرُّ به دون تأمل أو تفكير فيه. فهو يبدو وكأنَّه لا شيءَ سوى مجرَّد قائمة طويلة من الأماكن الَّتي مرَّ بها شعب إسرائيل أثناء ترحاله من رعمسيس في مصر إلى سهول موآب. لكن لا بدَّ وأن هذا الأصحاح مهم لأنَّه القسم الوحيد في سفر العدد الَّذي يلي الكلمات: «وَكَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلاَتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ » )عدد 2(. لماذا يتمُّ الاحتفاظ بسجلٍ لذلك؟ هل يمكن أن تقدِّم هذه القائمة إطارَ العمل الَّذي على أساسه خرج شعب إسرائيل من البرِّيَّة مما يُكِّنهم من استعادة تلك الرِّحلة في أذهانهم وتَذَكر أمانة الله في كلِّ موقع؟
أتخيل أبًا إسرائيليًّا، يجلس بالقرب من نار مخيم، ويستغرق في الذِّكريات مع ابنه ويقول: «لن أنسى رفيديم أبدًا! فقد كدَّتُ أموت من العطش هناك، فلم يكن يوجد هناك سوى الرِّمال ونبات المريميَّة لمئات الأميال. ثم وجَّه الله موسى إلى أن يأخذ عصاه ويضرب صخرة – في الواقع كانت صخرة صلبة من الصُّوان. فكرت، يا له من عمل عقيم؛ فلن يحصل على أيِّ شيءٍ من ذلك الحجر. لكن لدهشتي تدفَّق الماء من تلك الصَّخرة! تدفق بغزارة وبكمية تكفي لإطفاء ظمأ الآلاف من شعب إسرائيل. لن أنسى أبدًا ذلك اليوم! » )انظر مزمور 114 : 8؛ العدد 20 : 8- 13 ؛ 33 : 14 (. لمَ لا تحاول؟ فكِّر في حياتك – مرحلة بمرحلة – وتذكُّر كلِّ الطُّرق الَّتي أظهر فيها الله أمانته وعهد محبَّته لك.