Month: يناير 2023

رَائِحَةُ القَهْوَةِ

كُنتُ أَجْلِسُ عَلى مَقْعَدي فِي صَباحِ أَحَّدِ الأَيَّامِ مِنْذُ سَنَواتٍ عِنْدَمَا نَزَلَتْ ابْنَتي الصَّغِيرَةُ إِلى الطَّابِقِ الأَرْضِيِّ. تَوَجَّهَتْ نَحْوي مُبَاشَرَةً وَقَفَزَتْ فِي حِضْنِي. عَانَقْتُها وَقَبَّلْتُها قُبْلَةً أَبَوِيَّةً عَلى رَأْسِها فَصَاحَتْ بِسرورٍ. لَكِنَّها بَعَدْ ذَلِكَ عَقَدَتْ جَبِينَها وَأَلْقَتْ نَظْرَةً اعْتِرَاضِيَّةً عَلى قَدَحِ قَهْوَتِي، وَقَالَتْ بِطَرِيقَةٍ رَسْمِيَّةٍ: "أَبِي، أَنَا أُحِبُّكَ وَمُعْجَبَةٌ بِكَ لَكِنَّني لَا أُحِبُّ رَائِحَتَكَ".

لَمْ تَكُنْ ابْنَتِي مُدْرِكَةً (لِمَا تَفْعَلُهُ)،…

المَحَبَّةُ كَلَهِيبِ نَارٍ

تَمَتَّعَ الشَّاعِرُ وَالرَّسَّامُ وَالطَّبَّاعُ (يَعْمَلُ بِالطِّبَاعَةِ) بِعَلَاقَةٍ زَوجِيَّةٍ مَعَ زَوجَتِهِ كَاثرين دَامَتْ خَمْسَةً وَأَرْبَعينَ عَامًا. عَمِلا مَعَ بَعْضِهِما جَنْبًا إِلى جَنْبٍ مِنْ يَومٍ زَفَافِهِما حَتَّى وَفَاتَهُ عَامَ 1827. أَضَافَتْ كَاثْرين أَلْوَانًا إِلى رُسومَاتِهِ (التَّخْطِيطِيَّةِ) وَتَحَمَّلَ تَفَانِيهُما سَنَوَاتٍ مِنَ الفَقْرِ وَالتَّحَدِّيَاتِ الأُخْرَى. حَتَّى فِي أَيَّامِهِ الأَخِيرَةِ عِنْدَما تَدَهْوَرَتْ صِحَّتُهُ، اسْتَمَرَّ بِليك فِي فَنِّهِ وَكَانَتْ آخِرُ رُسومَاتِهِ هِي وَجْهُ زَوجَتِهِ. وَبَعْدَ أَرْبَعِ…

أَمَّا أَنَا فَأَقولُ لَكُم

عِنْدَما كُنْتُ صَبِيًّا سَمِعْتُ أُمِّي تَقُولُ هَذا الكَلامَ آلافَ المَرَّاتِ: "أَنا أَعْلَمُ مَا يَقُولونَهُ. أَمَّا أَنا فَأَقولُ لَكَ ...." كَانَ السِّياقُ دَائِمًا هُو ضَغْطُ الأَقْرَانِ. كَانَتْ تُحَاوِلُ تَعْلِيمي أَلَّا أَتْبَعَ القَطِيعَ. لَمْ أَعُدْ صَبِيًّا لَكِنْ لَا تَزَالُ عَقْلِيَّةُ القَطيعِ حَيَّةً وَضَاغِطَةً. مِثَالُ حَالِي هُو هَذِهِ العِبَارَةَ: "أَحِطْ نَفْسَكَ بِأَشْخَاصٍ إِيجَابِيِّين". بَيْنَما يُمْكِنُ سَمَاعُ تِلْكَ العِبَارَةِ بِشَكْلٍ شَائِعٍ إِلَّا أَنَّ السُّؤَالَ…

مُشْكِلَةُ قَلْبٍ

وَجَّهَ صَديقي القَسُّ الغَانِيُّ مِصْبَاحَهُ عَلى شَيءٍ مَنْحُوتٍ يَسْتَنِدُ عَلى كُوخٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ قَالَ بِهُدوءٍ: "هَذا هُوَ صَنَمُ القَرْيَةِ". يُسَافِرُ القَسُّ سَام كُلَّ مَسَاءِ ثُلاثَاءٍ إِلى الأَدْغَالِ لِلْمُشَارَكَةِ بِالإِنْجِيلِ فِي هَذِهِ القَرْيَةِ النَّائِيَةِ.

نَرى فِي سِفْرِ حِزْقِيالِ كَيفَ أَصَابَتْ عِبَادَةُ الأَوثَانِ شَعْبَ يَهوذا. وَعِنْدَمَا جَاءَ قَادَةُ أُورُشَليمٍ لِرُؤيَةِ النَّبِيِّ حِزْقِيالِ، قَالَ اللهُ لَهُ: "هؤُلاَءُ الرِّجَالُ قَدْ أَصْعَدُوا أَصْنَامَهُمْ إِلَى…

لَا تَأْخِيرٌ أَبَدًا

لِكَونِهِ زَائِرًا لِبَلْدَةٍ صَغِيرةٍ فِي غَرْبِ إِفْرِيقيا، حَرَصَ رَاعِي كَنِيستي الأَمْرِيكِيِّ عَلى الوصولِ فِي العَاشِرَةِ صَباحًا فِي مَوْعِدِ الخِدْمَةِ الصَّبَاحِيَّةِ. لَكِنَّهُ عِنْدَمَا دَخَلَ قَاعَةَ الكَنِيسَةِ المُتَواضِعَةِ وَجَدَها خَالِيَةً. لِذَلِكَ انْتَظَرَ لِسَاعَةٍ ثُمَّ سَاعَتَين، وَأَخيرًا فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَ وَالنِّصْفِ ظُهرًا وَصَلَ القَسُّ المَحَلِّيُّ بَعْدَ سَيرِهِ الطَّويلِ وَتَبِعَهُ بَعْضٌ مِنْ أَعْضَاءِ الجَّوقَةِ وَمَجْموعَةٌ مِنْ سُكَّانِ البَلْدَةِ الوَدودِينَ، ثُمَّ بَدَأَتْ الخِدْمَةُ "فِي…

كُنْ مُشْبَعًا

تَمَّ اغْتِيَالُ الدُّكتورِ مَارْتِنْ لُوثر كِينج جُونيور المُرَوِّعِ فِي ذُرْوَةِ حَرَكَةِ الحُقُوقِ المَدَنِيَّةِ الأَمْرِيكِيَّةِ فِي سِتِّينِيَّاتِ القَرْنِ العِشْرينَ. وَبَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ أَخَذَتْ أَرْمَلَتُهُ كُوريتا كِينج مَكَانَهُ بِشَجَاعَةٍ فِي قِيَادَةِ مَسيرَةٍ احْتِجَاجِيَّةٍ سِلْمِيَّةٍ. كَانَ لَدى كُوريتَّا شَغَفٌ عَمِيقٌ بِالعَدَالَةِ وَكَانَتْ بَطَلَةً شَرِسَةً تُحَارِبُ لِأَجْلِ قَضَايا عَدِيدَةٍ.

قَالَ يَسوعُ "طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ" (مَتَّى 5: 6). نَحْنُ نَعْلَمُ…

مِنَ الرَّثَاءِ إِلى التَّسْبِيحِ

صَلَّتْ مُونِيكا بِلَجَاجَةٍ كَيما يَرْجِعَ ابْنُها إِلى اللهِ. سَكَبَتْ الدَّمْعَ عَلى طُرْقِهِ الضَّالَّةِ وَحَتَّى تَتَبَّعَتْهُ فِي المُدُنِ المُخْتَلِفَةِ الَّتي اخْتَارَ أَنْ يَعِيشَ فِيها. بَدَا الوَضْعُ مَيؤوسًا مِنْهُ. ثُمَّ فِي أَحَّدِ الأَيَّامِ تَغَيَّرَ الوَضْعُ: الْتَقى ابْنُها مَعَ اللهِ فِي لِقَاءٍ جَذْرِيٍّ، وَأَصْبَحَ مِنْ أَعْظَمِ الَّلاهوتِيَّينَ فِي الكَنِيسةِ. نَعْرِفُهُ الآنَ بِاسْمِ أُغُسْطِينوس أُسْقُفَ هِيبو.

رَثَى النَّبِيُّ حَبَقوقُ قَائِلًا: "حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ"…

بِدَايَةٌ جَديدَةٌ

كَتَبَ يُوجين بِيترسون عَنْ تَأَمُّلاتِهِ القَوِيَّةِ فِي المَزْمورِ 120: "يَبْدَأُ الوَعْيُ المَسِيحِيُّ بِإِدْرَاكٍ مُؤْلِمٍ بِأَنَّ مَا افْتَرَضْنَاهُ حَقيقَةٌ هُوَ فِعْلِيًّا كَذَبَةٌ". المَزمورُ 120 هُوَ أَوَّلُ مَزَامِيرِ المَصَاعِدِ (المَزَامِيرِ مِنْ 120- 134) الَّتي يَتَغَنَّى بِها الحُجَّاجُ فِي طَريقِ صُعودِهم إِلى أُورْشَليم. وَكَمَا اكْتَشَفَ بِيتَرسون ذَلِكَ فِي طَريقِ طَاعَةٍ طَويلَةٍ فِي نَفْسِ الاتِّجّاهِ، تُقَدِّمُ تِلْكَ المَزَامِيرُ لَنا أَيْضًا صُورَةً لِلرِحْلَةِ الرُّوحِيَّةِ نَحْوَ…

الحَشْدُ

كَتَبَتْ الفَيْلَسوفَةُ وَالكَاتِبَةُ هَانا أَردنتْ مَلْحُوظَةً (1906- 75) قَائِلَةً: "لَقَدْ وُجِدَ رِجَالٌ قَاوَموا أَقْوى المُلوكِ وَرَفَضوا الانْحِنَاءَ أَمَامَهم". وَأَضَافَتْ "لَكِنْ بِالتَّأْكِيدِ وُجِدَ عَدَدٌ قَليلٌ قَاوَموا الحُشودَ وَوَقَفوا بِمُفْرَدِهم أَمَامَ جَمَاهِيرٍ مُضَلَّلَةٍ لِمُوَاجَهَةِ جُنونِهم العَنِيفِ بِدونِ أَسْلِحَةٍ". شَاهَدَتْ أَرْدِنت بِصِفَتِها يَهودِيَّةً عَنْ كَثَبٍ فِي مَوطِنِها أَلْمَانِيا أَنَّ هُنَاكَ شَيءٌ مُرْعِبٌ فِي أَنْ تَكونَ مَرْفُوضًا مِنْ مَجْموعَةٍ.

عَانى الرَّسولُ بُولُسُ مِنْ هَذا…

بَقِيَّةُ قِصَّتِنا

لِأَكْثرِ مِنْ سِتَّةِ عُقودٍ، كَانَ صَوتُ الصَّحَفِيِّ بُول هَارفي مَأْلُوفًا فِي الإِذَاعَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ. كَانَ يَقُولُ لِسِتَّةِ أَيَّامٍ فِي الأُسْبُوعِ بِأُسْلُوبٍ شَيِّقٍ: "هَلْ تَعْرِفُ مَا هِي الأَخْبَار، سَتَسْمَعُ بَعْدَ دَقِيقَةٍ بَقِيَّةَ القِصَّةِ". بَعْدَ إِذَاعَةِ إِعْلانٍ قَصْيرٍ، كَانَ يَروي قِصَّةً غَيرِ مَعْروفَةٍ عَنْ شَخْصٍ مَشْهورٍ. وَمِنْ خِلالِ حَجْبِ اسْمِ الشَّخْصِ أَو بَعْضِ العَنَاصِرِ المُفْتَاحِيَّةِ حَتَّى النِّهايَةَ، كَانَ يُسْعِدُ المُسْتَمِعينَ بِوَقَفَاتِهِ الدِّرَامِيَّةِ وَشِعَارِهِ:…