فِي مُتَنَزَّهٍ هَادِئٍ عَلى ضِفافِ نَهرٍ، يَمُرُّ بِكَ الرَّاكِضونَ، وَتَدورُ مَكَناتُ قَصَباتِ الصَّيدِ، وَتَتَشاجَرُ طُيورُ النَّورسِ عَلى السَّمَكِ وَأَغْلِفَةِ رَقائِقِ (البَطاطا، أَو البَطاطِسِ)، وَأَجْلُسُ أَنا وَزَوجَتي نُشَاهِدُ زَوجين. من ذَويِّ البَشَرَةِ الدَّاكِنَةِ، وَرُبَّما فِي آواخِر الأَربعينيَّاتِ مِنَ العُمُرِ. كَانَتْ الزَّوجَةُ تُحَدِّقُ فِي عَينَيِّ زَوجِها وَهُو يُغَنِّي لَها دَونَ أَيِّ تَركيزٍ عَلى نَفْسِهِ (عَلى مَظهرِهِ أَو على مَا يَفْعَلَهُ أَو عَلى انتباهِ المحيطين بِهِ) أُغْنِيَةُ حُبٍّ يَحْمِلُها النَّسيمُ لَنا لِنَسْمَعَها جَميعًا.

جَعَلَني هَذا المَشْهَدُ الرَّائِعُ أُفَكِّرُ فِي سِفرِ صَفَنيا. فِي بِدايَةِ (السِّفرِ) قَدْ تَتَساءَلُ لِماذَا (يُريدُ اللهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ)؟ فِي أَيَّامِ صَفنيا فَسَدَ شَعْبُ اللهِ وَسَجَدَ لِآلِهَةٍ بَاطِلَةٍ (1: 4- 5)، وَأَصْبَحَ أَنبياءُ وَكَهَنَةُ إِسرائيل مُتَفَاخِرين وَنَجِسين (القدس) (3: 4). يُعْلِنُ صَفَنيا فِي مُعْظَمِ السِّفرِ دَينونَةَ اللهِ القَادِمَةِ عَلى شَعْبِ إسرائيل وَعَلى جَميعِ أُمَمِ الأَرضِ (عدد 8).

لَكِنْ تَنَبَّأَ صَفنيا بِأَمْرٍ آخرَ. سَيَخُرُجُ مِنْ ذَلِكَ اليومِ المُظْلِمِ شَعْبٌ يُحِبُّ اللهَ بِكُلِّ قَلْبِهِ (الأَعداد 9- 13). وَسَيَكونُ اللهُ لِهَذا الشَّعبِ عريسًا يَفْرَحُ بِمَحْبُوبَتِهِ: ”يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ (وَلَا يَنْتَهِرُكِ ثَانِيَةً، لَكنْ) يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ“ (عدد 17).

يَسْتَخْدِمُ الكتابُ المُقَدَّسُ العَديدَ مِنَ الأَلقابِ للهِ: الخَالِقُ، الآبُ، رَجُلُ الحَربِ، القَاضِي. لَكِنْ كَمْ مِنَّا يَرى اللهَ كَمُغَنِّي يُغَنِّي أُغْنِيَةَ حُبٍّ لَنا بِشَفَتَيهِ؟

– شِيريدان فويسي