فِي صَباحِ كُلِّ يَومٍ يَذْهَبُ جِلين بِالسَّيَّارَةِ لِيَشْتَري قَهْوَتَهُ مِنْ مَكانٍ قَريبٍ، وَفِي كُلِّ يَومٍ يَدْفَعُ ثَمَنَ طَلَبِ الشَّخْصِ الَّذي فِي السَّيَّارَةِ الَّتي تَلِيهِ، وَيَقولُ لِلكَاشير أَنْ يَتَمَنَّى لِذَلِكَ الشَّخص يَومًا سَعيدًا. لَيسَ لِجلين تَواصُلٌ مَعَ أُولَئِكَ الأَشخاصِ (الَّذين يَدْفَعُ لَهم ثَمَنَ طَلَبَاتِهم)، لِذَلِكَ هو لَا يَعْرِفُ رُدودَ أَفْعَالِهم (عَلى مَا يَفْعَلَهُ مَعَهم)، لَكِنَّهُ يُؤمِنُ بِبَسَاطَةٍ بِأَنَّ ذَلِكَ العَطَاءَ الصَّغيرَ هو أَقَلُّ مَا يُمْكِنُهُ فعلُهُ. فِي إِحدى المَرَّاتِ عَرَفَ تَأثِيرَ مَا يَفْعَلَهُ عِندَما قَرَأَ رِسَالَةً مِنْ شَخْصٍ مَجْهولٍ إِلى مُحَرِّرِ الجَّريدَةِ المَحَلِّيَّةِ الَّتي يَقرَأُها. وَاكْتَشَفَ أَنَّ لُطْفَ مَا فَعَلَهُ (بِدَفْعِ ثَمَنِ طَلَبِ شَخْصٍ خَلْفَهُ) جَعَلَ ذَلِكَ الشَّخصَ يُعِيدُ النَّظَرَ فِي خِطَطِهِ للانتحارِ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ مِنْ ذَلِكَ اليومِ.
يُعطي جِلين يَومِيًّا لِلأَشْخاصِ الَّذين يَقفونَ فِي سَيَّارَاتِهم وَرَاءَهُ (القَهوةَ بَينما يَشْتَريها) دُونَ الحُصولِ عَلى أَيِّ شَيءٍ فِي المُقَابِلِ. لَكِنْ فقط فِي تِلكَ المَرَّةِ حَصَلَ عَلى لَمْحَةٍ مِن تَأثِيرِ عَطايَاه اليَومِيَّةِ الصَّغِيرَةِ للآخرين. عِندما قَالَ يَسوعُ: ”مَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ“ (مَتَّى 6: 3)، حَثَّنا عَلى العَطَاءِ – كَمَا فَعَلَ جِلين – دُونَ حَاجَةٍ لِتَلَقِّي أَيِّ شُكْرٍ أَو امتنانٍ (وَدُونَ انتظارِ ذَلكِ).
عندما نُعْطي بِدَافِعٍ مِنْ مَحَبَّتِنا للهِ دُونَ الاهتمامِ بِتَلَقِّي المَدْحَ (وَالشُّكْرَ مِنَ الآخرين) يُمْكِنُنا الوثوقُ بِأن عَطايانا، سَواءٌ كَانتْ كَبيرَةً أَو صَغِيرَةً، سَيَسْتَخْدِمُها اللهُ لِسَدادِ احتياجاتِ مَنْ يَتَلَقَّاها.
– كيرستن هولمبرج