قَالَتْ أُخْتِي الَّتي كَانَتْ فِي السَّابِعَةِ مِنْ عُمُرِها: ”أَعْلَمُ بِأَنَّ وَالدي سَيَعُودُ إِلى البَيتِ لِأَنَّهُ أَرْسَلِ لِي زُهورًا“ وَذَلِكَ عِنْدَمَا كَانَ وَالِدُنا مَفقودًا فِي إِحْدَى المَعَارِكِ وَقْتَ الحَرْبِ. قَبْلَ أَنْ يُغَادِرَ وَالِدَنا وَيَذْهَبْ إِلى مَهَمَّتِهِ، طَلَبَ إِرْسَالَ زُهورٍ لِأُخْتِي فِي عِيدِ مِيلادِها، وَوَصَلَتْ عِنْدَما كَانَ مَفْقُودًا. لَكِنَّ أُخْتِي كَانَتْ عَلى حَقٍّ فَقَدْ عَادَ وَالِدُنا إِلى البَيتِ بَعْدَ قِتَالٍ مُرَوِّعٍ. وَلَا تَزَالُ (أُخْتِي) تَحْتَفِظُ بِالزُّهْرِيَّةِ الَّتي كَانَتْ قَدْ وُضِعَتْ فِيها الزُّهورُ كَتَذْكِيرٍ لَها بِالتَّمَسُّكِ بِالرًّجَاءِ دَائِمًا.
فِي بَعْضِ الأَحْيانِ التَّمَسُّكُ بِالرَّجَاءِ لَيسَ سَهْلًا فِي عَالَمٍ مَكْسورٍ وَخَاطِئٍ. لَا يَعُودُ الآباءُ دَائِمًا إِلى البَيتِ وَرَغَبَاتُ الأَطْفَالِ لَا تَتَحَقَّقُ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ. لَكِنَّ اللهَ يُعْطِينا الرَّجَاءَ فِي أَصْعَبِ الظُّروفِ. فِي زَمَنِ حَرْبٍ مِنْ نَوعٍ آخر. تَنَبَّأَ النَّبِيُّ حَبَقُوق بِغَزْوِ البَّابِلِيِّين لِيهوذا (حَبَقُوقُ 1: 6؛ اقْرَأْ المُلوكَ الثَّاني 1: 12- 13) وَلَكِنَّهُ أَكَّدَ عَلى أَنَّ اللهَ صَالِحٌ دَائِمًا (حَبَقُوقُ 1: 12- 13). وَفِيما كَانَ يَتَذَكَّرُ لُطْفَ اللهِ مِنْ نَحْوِ شَعْبِهِ فِي المَاضِي، أَعْلَنَ حَبَقوق: ”فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي“ (3: 17- 18).
يَعْتَقِدُ بَعْضُ الدَّارِسين أَنَّ اسْمَ حَبَقُوق يَعْنِي ”التَّشَبُّثَ“. يُمْكِنُنا التَّشَبُّثُ وَالتَّمَسُّكُ بِاللهِ رَجَائِنا المُطْلَقِ وَفَرَحِنا حَتَّى وَسَطَ التَّجَارُبِ لِأَنَّهُ يُمسِكُ بِنا وَلَنْ يَتْرُكَنَا أَبَدًا.
– جِيمس بَانْكِس