فِي أَعْقَابِ الْهَزِيمَةِ الْكَارِثِيَّةِ الَّتي مُنِيَ بِهَا الْجَنُوبُ فِي جِيتيسيبرج أَثْنَاءَ الْحَرْبِ الْأَهْلِيَّةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ (1863)، قَادَ الجِّنِرَالُ رُوبرت إِي. لِيي قُوَّاتِهِ الْمُنْهَكَةَ الْمَهْزُومَةَ لِلْعَودَةِ إِلى الْأَرَاضِي الجَّنُوبِيَّةِ، وَتَسَبَّبَتْ الْأَمْطَارُ الْغَزِيرَةُ فِي فِيَضَانِ نَهْرِ بُوتُومَاك، الْأَمْرُ الَّذي مَنَعَهُم مِنَ الْانْسِحَابِ. فَحَثَّ الرَّئِيسُ إِبْرَاهَام لِينكولن الجِّنِرَالَ مِيد عَلى الْهُجُومِ عَلَيهم، لَكِنَّ رِجَالَ مِيد كَانُوا مُنْهَكِينَ مِثْلَ رِجَالِ لِيي. فَأَرَاحَ الجِّنِرَالُ قُوَّاتِهِ.  

الْتَقَطَ لِينكولن رِيشَةَ الْكتَابَةِ وَكَتَبَ رِسَالَةً اعْتَرَفَ فِيها بِأَنَّهُ كَانَ حَزِينًا جِدًّا بِسَبَبِ إِحْجَامِ مِيد عَنْ مُلَاحَقَةِ لِيي. كَانَ مَكْتُوبًا عَلى الْمُغَلَّفِ بِخَطِّ يَدِ الرئِيسِ: ”إِلى الجِّنرال مِيد، لَمْ يَتِمْ إِرْسَالُها أَو تَوقِيعُها أَبَدًا“. بِالتَّأْكِيدِ لَمْ يَتِمْ إِرْسَالُ هَذِهِ الرِّسَالَةِ أَبَدًا. 

قَبْلَ لِينكولن بِزَمَنٍ طَويلٍ، أَدْرَكَ زَعِيمٌ عَظِيمٌ آخَرٌ أَهَمِّيَّةَ كَبْحِ جِمَاحِ عَوَاطِفِنَا. فَالْغَضَبُ قُوَّةٌ خَطِيرَةٌ مَهْمَا كَانَ الْمُبَرِّرُ. قَالَ الْمَلِكُ سُلَيمانُ: ”أَرَأَيْتَ إِنْسَانًا عَجُولًا فِي كَلاَمِهِ؟ الرَّجَاءُ بِالْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ الرَّجَاءِ بِهِ“ (عَدَدُ 29: 20). عَلِمَ الْمَلِكُ سُلَيمانُ أَنَّ ”اَلْمَلِك بِالْعَدْلِ يُثَبِّتُ الأَرْضَ (يَجْعَلُ الْبَلَدَ تَسْتَقِّرَ)“ (عَدَدُ 4). وَفَهِمَ أَيْضًا أَنَّ ”اَلْجَاهِلُ يُظْهِرُ كُلَّ غَيْظِهِ، وَالْحَكِيمُ يُسَكِّنُهُ أَخِيرًا“ (عَدَدُ 11). 

فِي النِّهَايَةِ، كَانَ عَدَمُ إِرْسَالِ تِلْكَ الرِّسَالَةِ سَبَبًا فِي مَنْعِ لِينكولن مِنْ تَثْبِيطِ مَعْنَوِيَّاتِ الجِّنِرَالِ الْقَائِدِ، الْأَمْرُ الَّذي سَاعَدَهُ فِي الْفَوزِ بِحَرْبٍ ضَرورِيَّةٍ، وَسَاهَمَ فِي شِفَاءِ الْأُمَّةِ. جَيِّدٌ أَنْ نَتَعَلَّمَ ضَبْطَ النَّفْسِ بِحِكْمَةٍ مِنْ أَمْثِلَةِ مِثْلِ هَذِهِ. 

– تِيم جوستافسون