لِيَجْلِسَ إِلى جِوارَهِمِا بَادَرَ وَالِدُهَا بِالتَّعَرُّفِ عَلَيهِ وَتَقْدِيمِهِ إِلى ابْنَتِهِ. قَالَتْ دُوريس إِنَّ حَدِيثَهما مَعَهُ عَنْ تَسْجِيلِ النَّتَائِجِ جَعَلَها تَشْعُرُ بِأَنَّها إِنْسَانَةٌ نَاضِجَةٌ. فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، قَالَتْ: ”لَمْ أَنْسَ أَبَدًا ذَلِكَ الرَّجُل وَوَجْهِه الْبَاسِم“. أَصْبَحَ التَّفَاعُلُ الْمُبْهِجُ بَينَ دُوريس الْفَتَاةِ فَاتِحَةِ اللَّونِ (الْبَيضَاءِ) وَالرَّجُلِ الْمُسِنِّ اللَّطِيفِ الَّذي كُانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَبيدِ، نِقْطَةً مُضِيئَةً فِي ذَلِكَ الْيومِ.
كَانَ ذَلِكَ عَلى النَّقِيضِ التَّامِّ لِلسُّلُوكِ الْبَغِيضِ الَّذي تَعَرَّضَ لَهُ رُوبِنْسون فِي مُبَارَاةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَوسِمِ. قَالَ: ”بِسَبَبِ الْعُنْصُرِيَّةِ، كَانُوا يَصْرُخُونَ فِي وَجْهِي بِعِبَارَاتٍ مُسِيئَةٍ؛ وَكَانَ ذَلِكَ قَاسِيًا وَشِرِّيرًا لِلْغَايَةِ“.
لَا تَقْتَصِرُ الْقَسْوَةُ وَالشَّرُّ عَلى الْمَلاعِبِ الرِّيَاضِيَّةِ فَقَطْ. بَلْ الْمَنَازِلَ وَالْأَحْيَاءَ وَأَمَاكِنَ الْعَمَلِ وَحَتَّى كَنَائِسَنَا أَيْضًا، يُمْكِنُ أَنْ تَكونَ أَمَاكِنًا يَنْتَصِرُ فِيها الشَّرُّ وَالْقَسْوَةُ وَالْقُبحُ. أَمَّا الَّذين يُؤْمِنُونَ بِالْإِلهِ الآبِ الَّذي أَظْهَرَ اللُّطْفَ مِنْ خِلالِ ابْنِهِ (اقْرَأْ تِيْطُسْ 3: 4) فَهُم مَدْعُوُّونَ إِلى إِظْهَارِ نَفْسِ اللُّطْفِ. كَتَبَ بُطْرُسُ قَائِلًا: ”كُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِي الرَّأْيِ بِحِسٍّ وَاحِدٍ، ذَوِي مَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ، مُشْفِقِينَ، لُطَفَاءَ، غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ“ (بُطْرُسُ الْأُولى 3: 8- 9). إِنَّ اللُّطْفَ يَنْتَصِرُ عِنْدَمَا يُظْهِرُهُ الَّذينَ تَلَقُّوهُ مِنَ الْإِلَهِ الآبِ (وَالابْنِ) بِسَخَاءٍ إِلى الآخرين بِمَعُونَةِ الرُّوحِ الْقُدْسِ.
– آرْثر جَاكسون