بَعْدَ سَبْعَةِ عُقُودٍ مِنَ الْعَمَلِ الشَّاقِّ في غَسْلِ الْمَلابِسِ، حَيثُ كَانَتْ تَقُومُ بِغَسْلِها وَتَجْفِيفِها وَكَيِّهَا يَدَويًّا، أَصْبَحَتْ أُوسْيولا مَكَارْتِي مُسْتَعِدَّةً أَخْيرًا للتَّقَاعُدِ فِي سِنِّ السَّادِسَةِ وَالثَّمَانِين. لَقَدْ حَرَصَتْ عَلى تَوفِيرِ دَخْلِها الضَّئِيلِ طِوالِ تِلْكَ السَّنَواتِ، وَلِدَهْشَةِ مُجْتَمَعِها، تَبَرَّعَتْ أُوسْيولا بِمَبْلَغِ 150 أَلْفِ دُولارٍ لِلْجَامِعَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا لِإِنْشَاءِ صُنْدُوقٍ لِلْمِنَحِ الدِّرَاسِيَّةِ لِلْطُلَّابِ الْمُحْتَاجِين. وَقَدْ حَثَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ عَلى تَبَرُّعِ مِئَاتِ الْأَشْخَاصِ لِهَذِهِ الجَّامِعَةِ مِمَّا ضَاعَفَ تَبَرُّعَها ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

أَدْرَكَتْ أُوسْيولا أَنَّ الْقِيمَةَ الْحَقيقِيَّةَ لِثَرْوَتِها لَا تَتَمَثَّلُ فِي اسْتِخْدَامِها لِتَحْقِيقِ مَنَافِعٍ شَخْصِيَّةٍ، بَلْ لِمُبَارَكَةِ الْآخَرين. وَقَدْ حَثَّ الرَّسُولُ بُولُسُ تِيمُوثَاوس أَنْ يُوصِي الْأَغْنِيَاءَ فِي هَذا الْعَالَمِ الْحَاضِرِ أَنْ ”يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ“ (1 تِيمُوثَاوس 6: 18). لَقَدْ تَمَّ مَنْحُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي هَذا الْعَالَمِ ”كَوكَيلٍ“ قَدْرًا مِنَ الثَّرْوَةِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي شَكْلِ مَوارِدٍ مَالِيَّةِ أَو غَيرِها. وَبَدَلًا مِنْ وَضْعِ ثِقَتِنا فِي تِلْكَ الْمَوارِدِ، يُنَبِّهُنَا بُولُسُ أَنْ نَضَعَ رَجَاءَنَا فِي الرَّبِّ فَقَطْ (عَدَدُ ١٧) وَأَنْ نَكْنُزَ كُنَوزًا لَنَا فِي السَّمَاءِ بِأَنْ نَكُونَ ”أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيع“ (عَدَدُ ١٨).

فِي اقْتِصَادِ اللهِ، يُؤَدِّي الْامْتِنَاعُ عَنِ الْعَطَاءِ وَعَدَمِ السَّخَاءِ إِلى الْفَرَاغِ. فَالْعَطَاءُ لِلْآخَرين بِدَافِعِ الْحُبِّ هُوَ الطَّريقُ إِلى الشِّبَعِ. إِنَّ امْتِلاكَ الْبِرِّ وَالرِّضا بِمَا نَمْلُك، بَدَلًا مِنَ السَّعْيِ لْلحُصولِ عَلى الْمَزِيدِ، هُوَ رُبْحٌ عَظِيمٌ (عَدَدُ 6). كَيفَ سَيَبْدُو الْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لَنا إِذَا كُنَّا كُرَمَاءً بِمَوَارِدِنا، كَمَا كَانَت أُوسْيولا؟ فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَكُونَ أَغْنِياءً بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْيَوم بِحَسَبِ إِرْشَادِ الرَّبِّ.

– كَارين بيمبو