عِندمَا اشتَعَلَتْ النِّيرانُ في سَقْفِ كَاتدرائِيَّةِ نُوتِردام بِـ بَاريس أَبريل 2019، غَذَّتْ العَوارِضُ وَالأَلواحُ الخَشَبِيَّةُ القَديمَةُ النِّيرانَ وَجَعَلَتها كَالآتونِ بِحَيثُ لَا يُمْكِنُ احتواؤها. وَبَعدما سَقَطَ بُرجُ الكَنِيسَةِ العَالي بِشَكلٍ درامَاتِيكِيٍّ، تَحَوَّلَ الانتباهُ إِلى بُرجَيِّ الأَجراسِ. فَإِذا احترقَتْ الإِطارَاتُ الخَشَبِيَّةُ الَّتي تَحْمِلُ الأجراسَ الفُولاذِيَّةَ العُملاقَةَ وَانْهارَتْ فَسيؤَدِّي ذَلِكَ إِلى انهيارِ كِلا البُرجَين، تَارِكًا الكَاتدرائِيَّةَ في حَالَةِ خَرابٍ.

فَكَّرَ الجِّنرالُ جَاليت، قَائِدُ دَائِرَةِ الإِطفاءِ بِـ باريس، بِما يَجِبُ فِعْلَهُ بَعدما سَحَبَ رِجالَ الإِطفاءِ إِلى بَرِّ الأَمانِ. اقتربَ رَجُلُ إِطفاءٍ يُدعى رِيمي وَهو مُتَوَتِّرٌ وَقَال: ”مَع احترامي أَيُّها الجِّنرال، اقْتَرَحَ أَنْ نُمَرِّرَ خَراطيمَ الماءِ فَوقَ سَطْحِ الأَبراجِ“. رَفَضَ القَائِدُ الفِكْرَةَ نَظَرًا لِهَشاشَةِ المَبنى، لَكِنْ رِيمي اسْتَمَرَّ في التَّحَدُّثِ. وَسَريعًا مَا وَاجَهَ الجِّنرالُ جَاليت اتِّخاذَخيارٍ مِن اثنين: أَنْ يَتَّبِعَ نَصيحَةَ الإِطفائِيِّ أَو يَتركَ الكَاتدرائِيَّة تَسقط.

يُوجَدُ في الكِتابِ المُقَدَّسِ الكَثيرُ عَنْ قُبولِ النَّصيحَةِ وَالمَشورَةِ. فِي حِينِ أَنَّ ذَلِكَ يَكونُ فِي بَعضِ الأَحيانِ فِي سِياقِ احترامِ الشَّبابِ لِلشُّيوخِ (الأَمثال 6: 20- 23)، إِلَّا أَنَّ مُعْظَمَها لَيسَ كَذَلِكَ. يَقولُ سِفرُ الأَمثالِ عَنِ المَشورَةِ: ”اَلْمُسْتَهْزِئُ لاَ يُحِبُّ مُوَبِّخَهُ. إِلَى الْحُكَمَاءِ لاَ يَذْهَبُ“ (15: 12)، وَتُربحُ الحُروبُ بِالمشورةِ ”لأَنَّكَ بِالتَّدَابِيرِ تَعْمَلُ حَرْبَكَ، وَالْخَلاَصُ بِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ.“ (24: 6)، وَلَكِنَّ الجَّاهِلَ فقط هو مَنْ لَا يلتفتُ إِليها ”طَرِيقُ الْجَاهِلِ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ، أَمَّا سَامِعُ الْمَشُورَةِ فَهُوَ حَكِيمٌ“ (12: 15). يَستَمِعُ الحُكماءُ إِلى النَّصيحَةِ الجَّيِّدَةِ، مَهما كَانَ سِنُّ أَو رُتْبةُ مُقَدِّمِها.

اسْتَمعْ الجِّنرالُ إِلى نَصِيحَةِ رِيمي. وَتَمَّ إِطلاقُ المِياهِ عَلى إِطاراتِ الأَجراسِ المُشتَعِلة فِي الوقتِ المُناسِبِ وَتَمَّ إِنقَاذُ الكَاتِدرائِيَّةِ. مَا هي المُشْكِلَةُ الَّتي تَحتاجُ فِيها إِلى نَصِيحَةٍ إِلهِيَّةٍ اليوم؟ فِي بَعضِ الأَحيانِ يُرشِدُ اللهُ المُتواضِعين مِنْ خِلالِ الشَّبابِ.

– شيريدان فريسي