كَانَ جُوزيه المُدَرِّسُ البَديلُ (الاحتياطِيُّ) البَالِغُ مِنَ العُمْرِ سَبْعَةً وَسَبعينَ سَنَةٍ يَعيشُ فِي سَيَّارتِهِ الفورد ثندربيرد موديل عَام 1997 مُدَّةَ ثَماني سَنواتٍ، وَكَانَ فِي كُلِّ لَيلَةٍ يَقْبَعُ فِي سَيَّارَتِه يُرَاقِبُ عَنْ كَثَب شُحْنَةَ بَطَّارِيَّتِها الَّتي تُغَذِّي جِهازَ الكُمْبيوتر الخَاصِّ بِهِ أَثناءَ تَأدِيَتِهِ عَمَلِهِ المَسائِيِّ. وَكَانَ يُرسِلُ المَالَ المُخَصَّصَ للإيجارِ إِلى أَفرادِ أُسْرَتِهِ فِي المَكْسيكِ الَّذين كَانوا بِحَاجَةٍ إِليهِ أَكثرَ مِنهُ. فِي الصَّباحِ البَاكِرِ لِأَحَّدِ الأَيَّامِ رَآهُ أَحَّدُ طُلَّابِهِ السَّابِقين يُفَتِّشُ فِي صُندوقِ سَيَّارَتِهِ الخَلْفِيِّ. قَالَ الرَّجُلُ (طَالِبُ جُوزيه السَّابِقُ): ”شَعَرْتُ بِأَنَّني بِحَاجَةٍ إلى القِيامِ بِشَيءٍ مَا (لِمُسَاعَدَةِ جُوزيه)”. لِذَلِكَ قَامَ بِإِطْلاقِ حَمْلَةٍ لِجَمْعِ التَبرُّعَاتِ، وَبَعدَ أَسابيع قَدَّمَ لِـ جُوزِيه شِيكًا لِمُسَاعَدَتِهِ فِي دَفْعِ تَكْلِفَةِ مَكَانٍ يَعيشُ فِيهِ.
رُغْمَ أَنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يُوصِينا مِرارًا وَتِكرارًا بِأَنْ نَهْتَمَّ بَعضنا ببعضٍ إِلَّا أَنَّهُ يَصعُبُ فِي بَعْضِ الأَحيانِ تَجاوزُ (احتياجَاتِنا وَاهْتِمامَاتِنا وَمَخَاوِفِنا) وَالنَّظرِ إلى احتياجاتِ الآخرينِ. يُوَبِّخُ النَّبيُّ زَكَريا شَعْبَ إِسرائيل الَّذين كَانوا يَصومونَ لِأَجلِ أَنْفُسَهم بَدَلًا مِنْ عِبَادَةِ اللهِ أَو خِدْمَةِ الآخرين (زَكريا 7: 6). لَقد تَجَاهَلوا وَأَهملوا حَيَاتَهم الاجتماعِيَّةَ المُشْتَرَكَةَ وَاحتياجاتِ جِيرانِهم. جَعَلَ زَكَريَّا تَعليماتِ اللهِ وَاضِحَةً قَائِلًا: ”اقْضُوا قَضَاءَ الْحَقِّ، وَاعْمَلُوا إِحْسَانًا وَرَحْمَةً، كُلُّ إِنْسَانٍ مَعَ أَخِيهِ. وَلاَ تَظْلِمُوا الأَرْمَلَةَ وَلاَ الْيَتِيمَ وَلاَ الْغَرِيبَ وَلاَ الْفَقِير“ (العددان 9- 10).
فِي حِينِ يَسْهُلُ أَنْ تَطْغى عَلَينا احتياجاتُنا الخَاصَّةُ، إِلَّا أَنَّ (المَحَبَّةَ) وَالتزامَنا بِمَنْ حَولَنا يدعوانا للاهتمامِ بِاحتياجَاتِهم. تُوجَدُ وِفْرَةٌ للجَّميعِ فِي الاقْتِصَادِ الإِلَهِيِّ. يَخْتَارُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ اسْتِخْدَامَنا لِيُعطي بَعضًا مِنْ هَذِهِ الوفرَةِ للآخرين.
– وين كولير