إِذَا تَجَوَّلْتَ عَلى طُولِ جِدَارِ الطُّوبِ الْقَديمِ الْفَاصِلِ بَينَ مَقَابِرِ الْكَاثُولِيكِ وَالْبُروتِسْتَانْتِ فِي رُورمُونْد بِهُولَنْدَا، سَتَكْتَشِفُ مَشْهَدًا مُثيرًا لِلْفُضُولِ. فِي أَحَّدِ جَانِبَيِّ الجِّدارِ الْفَاصِلِ يَقِفُ شَاهْدُ قَبْرٍ لِيُوَاجِهَ شَاهِدًا آخَرَ يُطَابِقُهُ فِي الشَّكْلِ فِي الجِّهَةِ الْمُقَابِلَةِ، أَحَّدْهُما لِزَوجٍ بُروتِسْتَانْتِيٍّ وَالْآخَرُ لِزَوْجَتِهِ الْكَاثُولِيكِيَّةِ. تَطَلَّبَتْ الْقَواعِدُ الثَّقَافِيَّةُ خِلالَ الْقَرْنِ التَّاسِعِ عَشَرِ دَفَنَهُمَا فِي مَقْبَرَتَينِ مُنْفَصِلَتَينِ. لَكِنَّهُمَا لَمْ يَقْبَلا مَصِيرَهُمَا (الَّذي قَضَتْ بِهِ الثَّقَافَةُ). لِذَا كَانَ شَاهَدَا قَبْرَيْهما يَرْتَفِعَانِ عَنِ الجِّدَارِ الْفَاصِلِ وَتَمْتَدُ مِنَ كُلٍّ مِنْهُما ذِرَاعٍ مَنْحُوتَةٌ تُعَانِقُ يَدُهَا الْيَدَ الْأُخْرَى. لَقَدْ رَفَضَ الزَّوجَانُ الانْفِصَالَ حَتَّى فِي الْمَوتِ.

يُبَيِّنُ سِفْرُ نَشيدِ الْأَنْشَادِ قُوَّةَ الْمَحَبَّةِ. قَالَ سُلَيمانُ: ”الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. (غِيرتها) قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ“ (8: 6). إِنَّ الْمَحَبَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ قَوِيَّةٌ وَحَارَّةٌ جِدًّا ”لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ“ (عَدَدُ 6)، وَلَا تَسْتَسْلِمُ أَبَدًا وَلَا يُمْكِنُ إِسْكَاتُها أَو إِخْمَادُهَا وَتَدْمِيرُهَا. كَتَبَ سُلَيمانُ: ”مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ، وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا“ (عَدَدُ 7).

(كَتَبَ الرَّسُولُ يُوحَنَّا) ”اَللهُ مَحَبَّةٌ“ (يُوحَنَّا الْأُوَلى 4: 16). إِنَّ أَقْوَى مَحَبَّةٍ لَدَينَا لَيْسَتْ سِوى انْعِكَاسٍ ضَعِيفٍ مَكْسورٍ لِمَحَبَّتِهِ الْهَائِلَةِ لَنا. إِنَّهُ الْمَصْدَرُ الْمُطْلَقُ لِأَيِّ مَحَبَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ، لِأَيِّ حُبٍّ يَصْمُدُ وَيَسْتَمِرُّ لِلْأَبَدِ.

– وين كولير