فِي أَحَّدِ الْأَيَّامِ أَثْنَاءَ قِيَامِي بِرِعَايَةِ وَالِدَتِي، زُرْنَا مَعْرِضًا فَنِّيًّا، وَكُنَّا مُنْهَكِين عَاطِفِيًّا وَجَسَدِيًّا. رَأَيْتُ قَارِبين خَشَبِيِّين بِهُما أَشْكَالٌ مِنَ الزُّجَاجِ الْمُلَوَّنِ الْمَنْفُوخِ، مُسْتَوحَاتٌ مِنْ طُعُومِ صَّيْدِ يَابَانِيَّةِ وَزُّهورِ، كَانَ هَذَان الْقَارِبان مَعْروضَان أَمَامِ جِدَارٍ أَسْوَدٍ عَلى سَطْحٍ عَاكِسٍ. إِنَّهُ نَوعٌ مِنْ فَنِّ تَرْتِيبِ الزُّهورِ (أَو الْأَشْكَالِ) الْيَابَانِي اسْمُهُ ”إِيكيبانا“ وَالْقَوَارِبِ الْعَائِمَةِ. كَانَتْ كُرَاتٌ مِنْ زُجَاجٍ مَنْفُوخٍ مُرَقَّطَةٍ وَمُخَطَّطَةٍ مِثْلُ كُرَاتِ الْعِلْكَةِ الضَّخْمَةِ، مُكَدَّسَةٌ فِي الْقَارِبِ الْأَصْغَرِ. وَمِنْ هَيْكَلِ الْقَارِبِ الثَّانِي ارْتَفَعَتْ مَنْحُوتَاتٍ زُجَاجِيَّةٍ طَويلَةٍ وَمُلْتَوِيَّةٍ وَمُقَوَّسَةٍ مِثْلُ أَلْسِنَةِ لِهَبٍ نَابِضَةٍ بِالْحَيَاةِ. لَقَدْ قَامَ الْفَنَّانُ بِتَشْكِيلِ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنَ الزُّجَاجِ الْمَصْهورِ بِوَاسِطَةِ نِيرانٍ حَامِيَّةٍ لِتَنْقِيَةِ وَنَفْخِ الزُّجَاجِ. 

سَالَتْ الدُّموعُ مِنْ عَيْنَيَّ وَأَنَا أَتَخَيَّلُ يَدَ الرَّبِّ الْحَانِيَةِ وَهِي تَحْمِلُنِي أَنَا وَأُمِّي، لَقَدْ كُنَّا بِنْتَيهِ الْمَحْبُوَبَتَينِ، فِي أَصْعَبِ أَيَّامِنا. وَبَيْنَما يُشَكِّلُ الرَّبُّ شَخْصِيَّةَ شَعْبِهِ مِنْ خِلالِ نِيرانِ التَّنْقِيَةِ أَثْنَاءَ وُجُودِهِ عَلى الْأَرْضِ، يُؤَكِّدُ لَنَا بِأَنَّ رَجَاءَنا يَأْتِي مِنْ إِدْرَاكِنَا بِأَنَّهُ يَعْرِفُنَا وَبِأَنَّنَا نَنْتَمِي إِليهِ (إِشْعِياءُ 43: 1). وَرُغْمَ أَنَّنا لَا نَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنَ الْمَصَاعِبِ وَالْمَتَاعِبِ، إِلَّا أَنَّ الرَّبَّ يَعِدُ بِحِمَايَتِهِ لَنا وَوُجُودِهِ مَعَنَا (عَدَدُ 2). وَشَخْصِهِ وَحُبِّهِ لَنا يَجْعَلانِ وُعُودِهِ أَكِيدَةٌ (الْعَدَدَانُ 3- 4). 

قَدْ نَشْعُرُ بِالضَّعْفِ (وَالْانْهَاكِ) عِنْدَمَا تَكُونُ ظُروفُنَا (عَلى الْأَرْضِ) صَعْبَةٌ. بَلْ وَقَدْ نَكُونُ هَاشِّين وَقَابِلين لِلْكَسرِ فِعْلِيًّا. لَكِنْ الرَّبَّ يَحْمِلُنَا وَيُمْسِكُ بِنَا بِقُوَّةِ فِي مَحَبَّتِهِ، مَهْمَا بَلَغَتْ حَرَارَةُ فرْنِ (الصِّعَابِ وَالْمَتَاعِبِ وَالتَّجَارُبِ). إِنَّنَا نَحْنُ خَاصَّتُه مَعْرُوفين وَمَحْبُوبِين!

– سُوشِيل دِيكسون