كَانَتْ صَدِيقَتِي كَمُعَلِّمَةٍ فِي الْمَدْرَسَةِ الابْتِدَائِيَّةِ، تُرَافِقُ طُلَّابَها فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْأَحْيَانِ إِلى فُصُولٍ دِرَاسِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ لِتَعَلُّمِ مَوَادٍ مِثْلِ الْمُوسِيقَىَ أَو الْفَنِّ. وَعِنْدَمَا كَانَ يُطْلَبُ مِنْهُم الْوُقُوفُ فِي طَابُورِ الانْتِقَالِ إِلى غُرْفَةٍ أُخْرَى، كَانَ طُلَّابُ الصَّفِّ الْخَامِسِ يَتَنَافَسُونَ عَلى الْأَمَاكِنِ الْمَرْغُوبِ فِيها فِي مُقَدِّمَةِ الطَّابُورِ. وَفِي أَحَّدِ الْأَيَّامِ فَاجَأَتْهم جِيني عِنْدَمَا جَعَلَتْ الجَّميعَ يَسْتَديرُ وَقَادَتْهم مِنْ نِهَايَةِ الطَّابُورِ (فَأَصْبَحَ الْأَوَّلَ أَخِيرًا وَالْأَخِيرُ أَوَّلًا). كَانَ يُمْكِنُكَ سَمَاعُ صَوتِهم وَهُمْ فِي صَدْمَةٍ قَائِلين: ”مَاذَا!“

عِنْدَمَا لَاحَظَ الرَّبُّ يَسوع تَنَافُسًا مُمَاثِلًا عَلى الْمُتَّكَآتِ الأُولَى، قَامَ بِسَرْدِ مَثَلٍ فَاجَأَ بِلا شَكٍّ الضُّيوفَ، تَكَلَّمَ فِيهِ عَنْ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَأَوْصَاهُم قَائِلًا: ”مَتَى دُعِيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عُرْسٍ فَلاَ تَتَّكِئْ فِي الْمُتَّكَإِ الأَوَّلِ“ بَلْ ”اذْهَبْ وَاتَّكِئْ فِي الْمَوْضِعِ الأَخِيرِ“ (لُوقَا 14: 8- 10). لَقَدْ أَرْبَكَ الْمَسِيحُ مَا اعْتَادُوا عَلَيهِ اجْتِمَاعِيًّا (وَمَا يُؤْمِنونَ بِهِ) حِينَ قَالَ: ”لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ“ (عَدَدُ 11).

قَدْ يَكُونُ مِنَ الصَّعْبِ تَبَنِّي مَبْدَأِ الْمَلَكُوتِ، لِأَنَّ مَيْلَنا الْبَشَرِيَّ (الْخَاطِئَ) سَيَظَلُّ يُرَكِّزُ عَلى الْفَوزِ. إِنَّ اخْتِيَارَ الْمَرْكَزِ الْأَخِيرِ الْآنَ سَيَجْعَلُنَا نَكُونُ الْأَوَّلَ لَاحِقًا. يُحِثُّنَا الرَّبُّ يَسوع عَلى اتِّبَاعِ مِثَالِهِ وَالتَّطَلُّعِ إِليهِ لِلْحُصُولِ عَلى الْمُسَاعَدَةِ لِإِعَادَةِ تَوجِيهِ تَفْكِيرِنَا وَرُؤْيَةِ أَنَّ التَّوَاضُعَ وَالْمَرْكَزَ الْأَخِيرَ هُوَ مَكَانُ الْكَرَامَةِ وَالشَّرَفِ الْحَقِيقِيَّينِ.

كِيرستن هُولمبرج